السائق والصندوق المغلق

السائق والصندوق المغلق – قصة واقعية عن الأمانة والضمير في زمن التسرّع
✍️ بقلم: نجلاء محمود | فريق قصة ورواية
في قصة اليوم من تصنيف قصص منوعة سوف تقرؤون قصة إنسانية عن رجل بسيط يتعرض لاختبار أخلاقي مفاجئ، فهل سيستسلم للإغراء أم ينتصر لصوته الداخلي؟
كان “سامر” يعمل سائق تاكسي في مدينة مزدحمة لا تهدأ ، كل يوم يحمل عشرات الأشخاص، يروي بعضهم قصصهم، ويتجاهل بعضهم الآخر، لكن جميعهم يتركون أثرًا صغيرًا في ذاكرته.
في مساء يومٍ خريفي، صعد إلى التاكسي رجل خمسيني أنيق، بدا عليه التوتر، طلب من سامر أن يُوصله إلى محطة القطار، وخلال الطريق لم ينطق بكلمة واحدة، سوى أنه كان يتمسك بصندوق خشبي صغير على حجره.
عندما وصل، نزل الرجل مسرعًا… ونسي الصندوق على المقعد الخلفي.
لم يلحظ سامر ذلك إلا بعد دقائق من القيادة.
نظر إلى الصندوق بدهشة… كان مغلقًا بإحكام، ثقيلًا، بلا أي اسم أو عنوان.
أوقف السيارة على طرف الطريق، ونظر إليه مطولًا، “هل أعيده للمحطة؟ هل أفتحه؟ هل أسلمه للشرطة؟”
أسئلة كثيرة دارت في رأسه.
لكنه كان متعبًا، قرر أن يأخذه للمنزل ويفكر في الأمر لاحقًا.
في الليل، جلس أمام الصندوق ، تردد، قلبه يدق.
وفي لحظة ضعف، قرر فتحه.
لكنه لم يجد مالًا، ولا ذهبًا… بل أوراقًا قديمة، وصورًا بالأبيض والأسود، ورسالة مكتوبة بخط اليد.
كانت الرسالة موجهة إلى “ابني العزيز سامر”، وتخبره الأم الراحلة بأنها تركت له هذه الذكريات ليعرف ماضي عائلته.
تجمد سامر.
الرسالة تحمل اسمه.
قرأها مرتين، ثم بدأ يشك أن هذا ليس صدفة.
في اليوم التالي، عاد للمكان الذي أنزل فيه الرجل، وسأل كل من في المحطة، لكن لم يعثر عليه.
ذهب للشرطة، وأبلغهم بكل شيء، ترك الصندوق لديهم، ومعه رقم هاتفه.
بعد أسبوع، اتصلت به الشرطة، قالوا إن رجلًا جاء يبحث عن الصندوق وترك رسالة له.
فتح سامر الرسالة، فقرأ:
“أشكرك لأنك لم تأخذ شيئًا… ولو كنت فتحت الصندوق، لكنت عرفت أنني أراقب رد فعلك، لأني سامر أيضًا، وأردت أن أختبر من يحمل اسمي… وقد نجحت.”
لم يفهم سامر الرسالة تمامًا، لكن أدرك شيئًا واحدًا:
في بعض الأحيان، نمر باختبارات لا نفهمها، لكنها تكشف من نحن حقًا.