قصص خيالية

المدينة التي تنام كل مئة عام

المدينة التي تنام كل مئة عام – قصة خيال عن عالم غامض وسرّ يغيّر الزمن

✍️ بقلم: ربى الشامي | فريق قصة ورواية

 

في خرائط العالم القديمة، هناك نقطة غير مسماة، تُحاط بدائرة رمادية مكتوب بجانبها: “لا تقترب في زمن النوم.”

تُروى حكاية عن مدينة “إيلاريس”، مدينة لا يعرف عنها أحد إلا الأساطير، قيل إنها تنام بالكامل — شوارعها، سكانها، حتى ساعتها المركزية — كل مئة عام. لا يُسمع فيها صوت، ولا تضاء فيها شمعة.

“لوكاس”، مغامر شاب وعالم آثار شغوف بالأساطير القديمة، قرر أن يكون أول من يكتشف الحقيقة.

كان لوكاس قد تتبع كل إشارة ممكنة في المخطوطات القديمة، وذات ليلة من ليالي الشتاء، وصل أخيرًا إلى الغابة التي يُقال إنها تخفي المدينة.

وبين الضباب الكثيف، ظهرت له بوابة حجرية ضخمة نصفها مكسور، مكتوب عليها بخط مائل:
“من دخل في نومهم، قد لا يستيقظ أبدًا.”

كانت المدينة ساكنة تمامًا. البيوت مفتوحة، الطعام على الطاولات، الملابس معلقة، لكن لا أحد يتحرك، وكأن الزمن تجمّد لحظة واحدة، وقرر أن ينام.

مشاعر غريبة بدأت تراوده، كلما مشى أكثر، شعر أنه مراقَب، ليس من قبل الناس، بل من قبل الزمن نفسه.

في قلب المدينة، وجد برج الساعة، عقاربها متوقفة على الساعة 12 تمامًا.

في قبو البرج، وجد صندوقًا معدنيًا غريبًا، داخله كتاب مغلق بسلسلة، وكلمة محفورة عليه:
“مفتاح الاستيقاظ.”

بلمسه للكتاب، بدأت الساعة بالدق، دقة واحدة فقط ثم عاد الصمت.

في اليوم التالي، اكتشف أن المدينة لم تكن نائمة فقط… بل كانت تحلم وأنه، بطريقة ما، أصبح جزءًا من الحلم.

بدأ يرى مواقف غريبة تتكرر: امرأة تعيد نفس الجملة يوميًا، طفل يرمي كرة ثم تختفي… وعندما عاد إلى البرج، وجد نفسه هناك، يراقب نفسه من فوق.

بدأ يفقد إدراكه للواقع هل دخل حلمًا جماعيًا؟ هل هو ما يزال حيًا؟ أم أن المدينة ابتلعته ليبقى جزءًا من “نومها الأبدي”؟

حين حاول الخروج من المدينة، وجد الضباب يزداد كثافة، والبوابة لم تعد موجودة.

في قمة اليأس، تذكر شيئًا من الكتاب… جملة صغيرة في نهاية الصفحة الأولى التي لم تكن موجودة في البداية:
“النائم لا يوقظ النائم، بل القادم من اليقظة.”

أدرك أن عليه أن يجعل أحدًا من خارج المدينة يدخل ليوقظه كتب مذكراته سريعًا على أوراقه، ووضعها في زجاجة، ورماها خارج حدود الضباب، راجيًا أن تصل لأحد.

مرت مئة عام.

شاب آخر، يُدعى “جاكسون”، وجد الزجاجة بينما كان يتنزه في الغابة القريبة. قرأ المذكرات، وتوجه نحو المكان.

دخل المدينة، حيث كان لوكاس واقفًا أمام البرج، مبتسمًا ابتسامة خفيفة، قبل أن تتحرك عقارب الساعة من جديد…
وتفتح المدينة أعينها لأول مرة منذ قرن.

لكن، في عيني لوكاس، كان هناك شيء غريب… وكأن المدينة قد استيقظت، لكن هو… ما زال يحلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى