رسالة على كرتونة بيض

رسالة على كرتونة بيض – قصة واقعية مؤثرة عن كرامة المحتاج
✍️ بقلم: فراس نبيل | فريق قصة ورواية
في قصة اليوم من تصنيف قصص منوعة سوف تقرؤون قصة واقعية تُظهر كيف أن أبسط الأفعال تحمل أعظم المعاني، حين قرر رجل محتاج أن يرد المعروف بما يملك، تاركًا رسالة على كرتونة بيض أمام المسجد.
في أحد أحياء المدينة القديمة، كان مسجد الحيّ يفتح أبوابه فجر كل جمعة مبكرًا استعدادًا للصلاة وسماع خطبة الجمعة كما يحرص أهل الحي على حضورها كان الإمام، الشيخ “سالم”، يصل أولًا، يفتح الباب، ويهيّئ المكان.
لكن في ذلك اليوم الشتوي، وقبل أن يضع قدمه على عتبة المسجد، لمح شيئًا صغيرًا وُضع بهدوء بجانب الباب.
انحنى ليرى ما هو هذه الشي واذا به كرتونة بيض
وعليها ورقة مطوية بلطف، مربوطة بشريط مطاطي خفيف.
فتح الإمام الورقة، فقرأ:
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الأسبوع الماضي، جاءني ظرف فيه مبلغ من المال عند باب هذا المسجد، لم أعرف من وضعه، ولم أجرؤ على البحث.
لكن ذلك المبلغ أنقذني اشتريت به دواءً لزوجتي، وقوتًا لبيتي، بعد أن جفت جيوبنا ولم يتبقّ سوى الصبر.
لا أملك الكثير لأرد الجميل.
لكني أملك دجاجات صغيرة في البيت، وهؤلاء البيضات منهن، غداءً لكم أو صدقة.
لم أرد أن أذهب، لأني لا أحب أن يُشار إليّ كفقير.
فقط… ادعوا لمن ساعدني.
والسلام عليكم.”
وقف الشيخ سالم مشدوهًا لم يكن هناك توقيع لا اسم، لا رقم هاتف لا عنوان فقط تلك الرسالة البسيطة، التي هزت شيئًا عميقًا في داخله.
بعد الصلاة، قرأ الرسالة على المصلين خيّم صمت مؤثر ثم بدأ الناس يتبرعون، لا بطلب من أحد، بل بدافع من مشاعرهم.
جمعوا مبلغًا محترمًا وبدأوا يسألون في الحي، حتى دلّهم بائع خضار صغير على رجل اسمه “عادل”، يسكن في غرفة متواضعة فوق سطح بناية متهالكة.
ذهب إليه الشيخ وبعض الجيران.
فتح لهم الباب رجل في الخمسين من عمره، ملامحه مرهقة لكن عينيه صادقتان.
قال الإمام بهدوء:
“هل أنت من وضع كرتونة البيض؟”
لم يجب “عادل”. فقط ابتسم، وانحنى رأسه.
ثم قال:
“كنت فقط أريد أن أقول شكراً… بطريقتي.”
دخلوا إلى بيته، فوجدوه خاليًا إلا سرير خشبي قديم، ومكان مخصص لتربية دجاج، ومجموعة أدوية لزوجته التي ترقد منذ أشهر.
قال الشيخ:
“الناس يريدون مساعدتك.”
قال عادل بحزم:
“ساعدوني بالستر… لا بالشفقة.”
عرض عليه أحد التجار عملًا في مخزن للمواد الغذائية، بدوام ثابت وراتب جيد وافق بشروط: ألا يُعامل كحالة خاصة، وألا يُذكر اسمه في المسجد.
ومنذ ذلك اليوم، صار “عادل” يشارك في صلاة الجمعة، يبتسم بخجل، ويضع صدقة صغيرة عند الباب، دون أن يعرف أحد ماذا كانت بالضبط.
لكن في إحدى الجمع، وضع علبة بيض أخرى… مع بطاقة مكتوب فيها:
ولكن هذه المرة ليس كـ”شكر”، بل كـ”هديّة” بل عادة جميلة… أحب أن أستمر فيها.”