خادمة تقع في غرام الأمير – سر الأمير والخادمة

خادمة تقع في غرام الأمير – سر الأمير والخادمة
لم يكن أحدٌ في القصر يجرؤ على الاقتراب من الأمير رائد، المعروف بدلاله وطباعه الحادّة. كان شابًا في الخامسة والعشرين، مدلّلًا إلى حدّ جعل الخدم يتجنبون مجرد النظر إليه.
لكن عندما عاد من رحلة صيد مصابًا إصابة غامضة في كتفه، اضطرت رئيسة الخدم إلى استئجار خادمة من خارج القصر للعناية به — خادمة تُعرف بمهارتها في التمريض، اسمها ليان.
دخلت ليان غرفة الأمير بخطوات ثابتة، رغم التحذيرات:
> “الأمير لا يحب أن يلمسه أحد… ولا يُطيق الأوامر.”
لكنها كانت معتادة على التعامل مع من هم أصعب منه.
عندما طلبت منه أن يخلع سترته لتتمكن من تنظيف الجرح، نظر إليها باستعلاء، ثم قال:
> “افعلي ما جئتِ لأجله… بسرعة.”
اضطرّت ليان لرفع السترة عن كتفه الجريح، وما إن فعلت حتى اصطدمت عيناها بشيء لم يكن جرحًا فقط…
بل علامة محفورة على جلده — رمز غريب يشبه النسر المزدوج، محاطًا بخطوط قديمة.
تجمّدت في مكانها.
كانت تعرف هذا الرمز… رأت مثله قبل سنوات، في كتاب محظور يتحدث عن السلالة المختفية التي أُطيح بها قبل ميلاد الأمير بعقود.
قالت بصوت مرتجف:
> “من الذي وضع هذه العلامة عليك؟”
تجمّد الأمير. لم يكن معتادًا أن يسأله أحد بهذه الجرأة.
وللحظة، رأته ليان لأول مرة بدون غرور، بل خائفًا.
اقترب منها وهمس:
> “قيل لي إنها ندبة من طفولتي… لكنكِ تعرفين شيئًا آخر، أليس كذلك؟”
شهقت ليان بصوت منخفض.
إذا كانت هذه العلامة حقيقية… فهذا يعني أن الأمير ليس الابن الوحيد للملك، بل ربما… ليس ابنه أصلًا.
وفي تلك اللحظة، سمعا طرقات عنيفة على باب الغرفة.
صوت الحارس الملكي قال بصرامة:
> “يا سمو الأمير… هناك أوامر بعدم كشف كتفك لأي أحد.”
نظرت ليان إلى الأمير، وفهم كلاهما أن هناك سرًّا أكبر من الجرح… وأن حياتهما قد تغيّرت للتو.
ومع اقتراب خطوات الحرس، أدرك الأمير أن ليان أصبحت تعرف ما لا يجب أن يعرفه أحد…
أما هي، فكانت تعلم جيدًا أن ما بدأ كعلاج جرح، انتهى بإشعال شرارة مؤامرة تهزّ مملكة بأكملها.
عمّ الصمت الغرفة، ولم يكن يُسمَع سوى أنفاس الأمير رائد المتوترة. كانت ليان تحاول ألا تُظهر ارتباكها، لكن رائحة الخطر أصبحت واضحة في الهواء.
طرق الباب للمرة الثانية بقوة أكبر.
قال الحارس الملكي بصوت حاد:
> “يا سموّ الأمير… الأمر عاجل. افتح الباب.”
تبادل رائد وليان نظرة قصيرة، ثم قال الأمير بصوت خافت يكاد لا يُسمع:
> “لا تقتربي من الباب… مهما حدث.”
ارتدى رائد سترته بسرعة، يخفي العلامة الغريبة تحت القماش. ثم فتح الباب نصف فتحة، كأنّه يمنعهم من رؤية من بداخل الغرفة.
دخل قائد الحرس قُصي، وهو رجل طويل، وجهه صلب، وعيناه لا تحملان مشاعر.
قال قصي:
> “وصلت أوامر من المجلس الملكي… لا يجب أن يشرف على علاجك أحد من خارج القصر.”
كانت تلك جملة واضحة: وجود ليان أصبح تهديدًا.
تراجع قصي خطوة وهو يضيف:
> “عليها الرحيل فورًا.”
لم يفهم أحد كيف أن الأمير المدلّل الذي كان لا يرِدّ على خدمه، نظر إلى قائد الحرس تلك اللحظة بعينين تلتهبان غضبًا.
قال بصرامة:
> “الخادمة ستبقى. هذا أمر.”
ارتجفت ليان داخليًا.
لم يكن رائد يستعمل كلمة “أمر” عادة إلا على الخدم… لا على القادة العسكريين.
ضاق قصي عينيه وقال:
> “هذا… يتعارض مع أوامر المجلس.”
اقترب رائد منه خطوة، وقال بصوت منخفض لكن حازم:
> “أنا الأمير، ولستُ دمية بين يدي أحد. أخبر المجلس أنهم تجاوزوا حدودهم.”
كان ذلك التصرف وحده كافيًا ليدرك قصي أن الأمر أكبر من مجرد إصابة.
ثم انسحب القائد أخيرًا، لكن قبل أن يغلق الباب قال بصوت مملوء برسالة خفية:
> “احذر يا سمو الأمير… ليس كل باب يُفتح يبقى مفتوحًا إلى الأبد.”
أغلق الباب.
تنفّس رائد بعمق، ثم جلس على كرسي بجانب النافذة.
قالت ليان مترددة:
> “هل تريدني أن… أرحل؟”
التفت إليها رائد بسرعة، كأنّ سؤالهـا صدمه:
> “لا. الآن… أكثر من أي وقت سابق… أحتاجك أن تبقي.”
جلست ليان قبالته، وحاولت أن تكون مهنية، وإن كانت يداها ترتجفان قليلًا.
قالت بهدوء:
> “الأمير رائد… العلامة التي رأيتها على كتفك ليست ندبة. إنها رمز منقوش بالنار، تعود لسلالة ملكية أقدم من هذه المملكة.”
نظر إليها بذهول:
> “كيف تعرفين هذا؟”
تنهدت ليان، وعيناها تنظران إلى الأرض كأنها ترى ماضيًا مؤلمًا:
> “لقد فقدت عائلتي قبل سنوات بسبب بحث أبي عن هذا الرمز… كان مؤمنًا أنه سيكشف حقيقة الانقلاب القديم. كان يقول دائمًا إن السلالة الحقيقية لم تختفِ… بل تم إخفاؤها.”
سكتت لحظة، ثم رفعت نظرها إليه:
> “ولم أتوقع يومًا… أن أراها على كتف الأمير الحالي.”
انهار الأمير على المقعد، ومرّر أصابعه في شعره بتوتر.
كان صوته ضعيفًا لأول مرة:
> “أتعنين أنني… لست الابن الشرعي للملك؟”
هزّت ليان رأسها ببطء، ثم قالت:
> “أعني أن هناك سرًا خطيرًا… يخشاه البعض لدرجة أنهم يضعون حراسات على كتفك، وليس على حياتك.”
فجأة سمعا من بعيد صوت أجراس الإنذار في القصر.
نهض رائد بسرعة، واقترب من النافذة ليجد الجنود يتحركون في الفناء.
قال بخوف مكتوم:
> “هذا ليس إنذار تدريب… شيء ما يحدث.”
استدارت ليان وسمعت أصواتًا تقترب من الممر.
قالت برعب:
> “أعتقد… أنهم قادمون إلى هنا.”
التفت إليها الأمير وقال بنبرة مختلفة تمامًا — نبرة رجل بدأ يفهم أن حياته كانت كذبة كبيرة:
> “ليان، هل تثقين بي؟”
أجابت بلا تردد:
> “نعم.”
مدّ يده إليها وقال:
> “إذًا… علينا الهرب. الآن.”
وفتحت الأحداث التي تلت ذلك بابًا جديدًا، لم يكن فيه الأمير مدللًا، ولا الخادمة مجرد موظفة…
بل أصبحا شخصين يحملان سرًّا قد يغيّر مصير المملكة بأكملها.